انه ولد!!!
نعم,,
هكذا قالت الممرضة لسالم!!!
هرول سالم لزوجته,عدة طرقات على الباب,
أدخل!!
قالتها سارة وهي تحاول بأن تعتدل في سريرها,
دخل سالم,ربت على كتفيها,قبل جبينها,
سأسميه خالد....نعم,خالد..
سأصبح أنا أبا خالد,وأنت,أنت سوف تصبحين أم خالد..
ابتسم لها ابتسامة رائعة,بادلته اياها بابتسامة متعبة...
لم يكن يتوقع في يوم من الأيام بأن يصبح رب أسرة,
لطالما شكر زوجته سارة بصمت,
تلك الانسانة الرائعة التي كانت بجانبه,ابنت عمة التي قبلت به رغم اعاقته,
حاولت بأن تسعده بكل ماتستطيع فعلة,
تذكر يوم قرر بأن يقوم بعملية في قدمه,لم يكن قراره!!
نعم,لم يكن قراره!!
كانت هي من ساعدته بأن يقرر ويأخذ الأمر بأن كل شئ مقدر ومكتوب,,
وهاهو الآن يستطيع المشي على قدميه رغم عرجته البسيطة,,
وفوق هذا فقد أصبح أبا!!!
اللهم لك الحمد والشك.......
الأستاذ سالم؟؟
التقت عينا سالم بعيني الطبيب!!!
عفوا!!
فقد كان غارقا بأفكاره تماما!!
آه,,نعم أنا...أنا سالم!!
شعر بأن قدماه تحملاه بصعوبة,وهو يمشي خلف الطبيب الذي كان يقوده الى غرفته..
لماذا يريدني الطبيب؟؟
ماذا هناك؟؟
خالد..ماذا حدث له؟؟
أسئلة ظلت كامنة بعقله وقلبه!!
أدخل,تفضل,,
وأشار الطبيب بيديه الى المقعد المجاور لمكتبة!!
جلس سالم وعيناه لاتكاد تبرح عينا الطبيب وقال:
ماذا هناك؟خيرا انشاء الله؟؟
عقد الطبيب يديه على المكتب, وتنهد ثم قال:
أنت رجل عاقل ياسالم,ومؤمن بقضاء الله وقدره.. ثم أخذ الطبيب نفسا عميقا ليكمل.....
زوجتك!!!!
لم يستطع سالم أن يميز ماقاله الطبيب بعد ذلك!!
فقد شعر بأن الدنيا قد توقفت فجأة,وبأن الدموع بدأت تحرق عينيه...
ماذا!! هل أنت متأكد؟؟
صمت الطبيب فما رآه من سالم لم يجعله يكمل..
ثم قام وربت على كتفي سالم وقال:
قلت لها بأن الولادة قد تكون خطرة على حياتك,ولكنها لم تستمع لي وأخذت تقول:
لا..هو أراد هذا لقد أراد أن يصبح أبا,,
نعم!! لن أهدم حلم حياته بيدي,,لن أهدم حلم حياته بيدي,,,,,
قام من على سريره وهو يمسح دمعاته بيديه,
لقد أحبها ومازال حتى بعدما فارقت حياته التي قاسمته اياها,,
ولكنها لم تفارق قلبه,,
قلبه!!
شعر بأن قلبه أصبح يضرب في صدره كطبول الغابات,,
انه يحبها,!!زوجتة أم خالد!!
رفع عينيه المغرورقتان بالدموع الى صورتها المعلقة بالحائط,,,
أينك الآن ياأم خالد؟؟
أينك لتري خالد الذي ضحيتي بحياتك من أجله,,
لقد أخبرته كل ماأردتي أن تخبريه اياه!!
أغمض عينيه وتذكر تلك الكلمات التي حفرتها عميقا في داخله......
سالم..ضغطت بيدها على يديه:
أخبر خالد بأنني أحبه أحبه,,,
فتح عينيه وأطلق صرخة آه متألمة:
لن أنسى.......
ثم أسلمت عيناه للكرى.......
الساعة تشير الى التاسعة صباحا..
قام سالم بسرعة من على سريرة وقام ليغتسل ويلبس ملابس العمل,,
وعندما هم بالخروج من غرفته..نظر في تلك اللوحة التي كان يعشقها..
ثم تقدم بضع خطوات ليقابلها وقال:
بقي يوم واحد على مقابلة خالد,,
سوف ينجح انني متأكد,,فقد كان يدرس طوال الأسبوع المنصرم..
هل....
طرت عليه فكرة بأن زوجتة لاتسمعه!!
لايهم..المهم أنه يشعر بأنها مازالت بجواره تهمس في أذنيه:
لاتدع خالد لوحدة انتبه له..
هل يتخيل؟؟
أغمض عينيه..
آه,أينك ياأم خالد انني أحتاجك أكثر من أي وقت مضى..وخالد انه يحتاجك أيضا..
ولكن!!
هيهات,,
انها لن تسمعه!!
انها بعيدة عنه كل البعد لكنه سوف يتذكرها ويشعر بها دائما بأنها بقربة حتى تتدعمه..وتدعم ابنها الذي لم تره
..خالد..
السلام عليكم ياخالد..
لم يجبه أحد..
دخل أبا خالد المنزل وأغلق الباب خلفه بهدوء,
أمازال في غرفته؟؟
تسائل سالم في نفسه وهو يرقى درجات المنزل العلوي متجها الى غرفة خالد..
بضع طرقات على الباب ثم فتح,,
خالد أما زلت هنا يابني؟؟
خالد:
إنني أدرس يا أبتي,لاتنسى فلم يبقى على مقابلة الكلية سوى اليوم.
أبا خالد:
لم أنسى ولكن أنت ترهق نفسك,فقد كنت تدرس طوال الأسبوع,
قم ياخالد وتنزه قليلا ثم عد الى البيت مبكرا.
قام خالد من على مكتبة وقبل رأس أبيه ثم ذهب
التفت سالم الى الفراغ محدقا خلف ولده خالد كم يحبه بقدر مايحب والدتة..أم خالد.. ثم رفع يديه وقال:
اللهم وفقه وأصلحه لما تحبه وترضاه...
كانت الساعة تشير الى الواحدة والنصف ليلا عندما كان يحادث والدة خالد كما تعود دائما:
ها قد كبر خالد تعد المرحلة الابتدائية,المتوسطة,فالثانوية,
وهاهو الآن يقف على أعتاب الجامعة.....
انتبه الى ساعتة:لقد تأخر
دق جرس الهاتف:السلام عليكم,أبا خالد
وعليكم السلام,نعم!!
نرجو أن تأتي للمشفى,فولدك مصاب....
انزلقت السماعة من يده,
شعر بأن دقات قلبه تخذله!!!
لا..لا..رددها في أعماق قلبه
خالد...
لم يشعر بنفسه الا وهو واقف أمام الطبيب الذي عاين مرض ولده..خالد..
لم يرد أن يسمع ماكان يتوقعه منذ لحظات!!
فقد أعاد الزمان نفسه!!
كان الطبيب يدير ظهره اليه ويتكلم, شعر بأن قدماه قد تهاوتا الى الأرض,لم يشعر بعدها بشئ....
كان ممددا على سريره,شعر بأن الدنيا قد أظلمت في عينيه,,ليس هو!!!
لم يكن اعتراضا على قدر قدرة الله..!!
كان خوف,شعور بالألم يعتصر قلبه,,
الوحدة, لطالما يبغضها...
بدأت الذكريات تنسال في ذاكرته....
أنت رجل عاقل تؤمن بقضاء الله وقدرة,خالد مصاب بورم في المخ لانستطيع مساعدتة
انتقل الى رحمة الله,,فورمه لايمكن استاصالة.....
كل شئ حدث بسرعة..
رحل خالد,كما رحلت أم خالد!!!
ليتركاه وحيدا,يتجرع أم وحتة وغصة فراقهما..
هناك في غرفتة, اليوم هو يوم الأحد يوم مقابلة خالد..
لقد عاد وحيدا كما كان...
أطلق آهة مكبوتة,,
وتحت ضوء القمر لمعت عيناه...
